كنت أسمع ثم توقفت عن السماع, فعدت أسمع ثم توقفت... وهكذا دواليك, حتى وأنا أسمع الأغاني أحيانا ما أشعر بالاشمئزاز من كلمات بعضها, فمنها ما هو فاحش ومنها ما هو خروج عن الملة و منها ما يطلق عليه (عادي) كلام لا هو فاحش ولا هو حق (كحكي القصص)..
ولكن - لجهلي - فإنني متحير في أمر الموسيقى الغير مصحوبة بغناء ولا حتى بدندنة أو آهات, وتحيري جاء من متاهات العقل البشري القاصر والذي كان يبحث عن مخرج ليبيح لي سماعي للموسيقى - أسأل الله العفو والمغفرة - إن كنت أخطأت بسماعي وأسأله أن يهديني طريق الحق دوما....
كنت أقول أنني ببساطة تفكرت فرأيت أن الموسيقى بعيدا عن كونها لحن أو نغمة أو مقام أو أو, فإنها بداية ونهاية صوت...
حسنا, هل كل صوت حرام أو منكر أو مستوجبا لحصول الذنب ؟!
لو كان الأمر هكذا, فما القول في صوت الكروان ؟ فهو صوت ونغمة ولحن, وكله طبيعي...
فهل إذا ما استمتعت به أذنبت أو أصبت لهواً ؟! أو إذا ما سجلته مثلا على شريط أو مثله سواء كان صوت الكروان أو صوت طير آخر - وهناك العديد من لطيور التي تشبه أصواتها الموسيقى - فهل سماعها حرام ويستوجب أن أسد أذناي إذا ما صادفت أحدها ؟!
أنا لا أجادل ولا أفرض رأياً, ولا أبيح محظورا أو أقننه ولا أنا بمستحلٍ حرام... والله لقد كتبت هنا لأنني في هذه الأيام المباركة أحاول جاهداً أن أضع لنفسي حداً (أسمع أم لا أسمع!..) وأنا الذي قد امتنعت بالفعل عن السماع فإنه لم يعد يلذ لي كما كان بالماضي - القريب طبعاً لأنني لست كهلاً - نظراً لزيادة ضغوط الحياة أم لنقل بعض الهموم الشخصية, لذا فقد أحسست أن الزهد فيه افضل أو أحوط, ولكنني أحيانا ما أحن لسماع لحن ما أو على الأقل أدندن بكلمات أغنية أو أترنم بلحن عن غير قصد...
ولا أخفيكم القول, فالأغاني مهما قيل فيها من حسن, فإن أغلبها مذموم ولايخفى على أي منكم كلمات الأغاني التي حتى وإن لم تكن نابية أو متضمنة شرك بالله عز وجل فإن فيها ما يذيب الرجولة, والحياء ويزيد الرعونة والعهر ويحرك الشهوات نحو طريق ذو اتجاه واحد...
أما الموسيقى فمنها ما يحرك مشاعر الحزن ومنها ما يسعد و منها ما يزيد الحماسة ومنها ما يحدث التراخي, ولا أتحدث هنا عن الموسيقى الصاخبة وإيقاعات صالات الرقص المسماة بالـ (ديسكو) والموسيقى الجنسية أو موسيقى الرغبات... بل إن الكلام هنا هو عن الموسيقى كصوت فنغمة فتركيب فلحن...
وأخيراً فإني أميل لتركها بل ونبذها, ولكن الضعف البشري وارد وخصوصاً في أيامنا هذه.... والخلاصة, فلحظة كتابتي لهذه السطور فكرت أن أفضل حل هو اللجوء إلى رحمة الله العلي القدير, حيث أن عقولنا قد قصرت أو عجزت عن استنباط حكمه في فعلٍ ما, إذا لماذا لا يصلي كل منا صلاة الإستخارة... راجين من الله أن يهدينا لما يحبه ويرضاه لعباده الأخيار, داعين إياه أن يأخذ بأيدينا فيخرجنا من الظلمات الى النور, سائلين الله أن يجعلنا من عباده المقربين, فإن كانت الموسيقى فيها قرب فبها وإن كان فيها غضب منه سبحانه فلتذهب الموسيقى بعيداً عنا... فليذهب كل باطل إلى حيث يزهقه الله جل وعلا...
سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد ان لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك....
المفضلات