ما الحكمة يا عقلاء " واتا " ؟
ما زلت أحفظ هذه الحكاية عن ظهرقلب وحتى في بطينيه منذ أن بلغت الرشد فإليكموها جديدة نضرة :
جاء رجل هاربا و مسرعا إلى بهوقصرهارون الرشيد.. و تشابك مع حراس القصرالذين منعوه من الدخول..
فسمع هارون الرشيد ارتفاع الأصوات والضجيج فتساءل عن سبب ذلك .. فقيل له:
أن إنسانا أغبرأهبل جاء هاربا وأراد الدخول.
فقال: دعوه يدخل .. فلما دخل سأله هارون الرشيد:
- ما بك على هذه الحال ؟
قال: جئت هاربا من رحمة ربي
قال هارون الرشيد : أين تسكن؟
أجاب : أسكن بين المدينتين
قال هارون الرشيد :هل لك أبناء
قال: نعم
قال هارون الرشيد : كم عددهم؟
قال الرجل : تسعة أبناء
قال هارون الرشيد ما تحب
قال الرجل :أحب الباطل
فضحك هارون الرشيد وقال: وماذا تكره إذن ؟
قال الرجل :أكره الحق فازداد هارون الرشيد ضحكا وتعجبا..
قال أحد الحضورلهارون الرشيد: إن الرجل مجنون ..
قال هارون الرشيد :: لا.. ليس مجنونا إنما هوصاحب حكمة ..فقال له: ألا تخبرنا أيها الهارب من رحمة ربك لماذا هربت منها ؟
قال الرجل :كان المطريتهاطل خارج قصرك هذا فهربت منه وهورحمة ربي .
قال هارون الرشيد:ولماذا قلت أسكن بين المدينتين ؟
قال :أسكن بين بغداد التي نحن فيها وبين بغداد الأموات أي المقبرة ..
قال هارون الرشيد :قلت أن لك تسعة أبناء وقد ذكرلي من يعرفك أن لك أربعة فقط ؟
قال :ذلك صحيح..عنده .. لي أربعة أبناء في بغداد أحياء.. وخمسة في المقبرة أليسوا أبنائي؟
قال هارون الرشيد : قلت أحب الباطل لماذا؟
قال الرجل :أحب الدنيا والدنيا باطل .
قال هارون الرشيد : قلت أكره الحق لماذا ؟
قال الرجل : أكره الموت والموت حق .
فأعجب الجميع بحكمته وعلمه ثم أمرهارون الرشيد بحسن إفادته وإكرامه وإخلاء سبيله.
أين هؤلاء الذين سادوا ثم بادوا وما عادوا ؟
ألم يكن العربي والمسلم متشبعا حتى الثمالة بحضارة العرب وحكمة العرب وقيم ومباديء الإسلام ؟
كيف يصنع الرجال التاريخَ ؟