طالبوا "منتخب الساجدين" بأن يضربوا القدوة في الأخلاق.. مثقفون ورجال دين مصريون يدعون لجعل مباراة الجزائر المقبلة يوما للمصالحة والأخوة

كتب أحمد عثمان فارس (المصريون): | 27-01-2010 00:16

دعا رجال دين ومثقفون وإعلاميون مصريون في تصريحات لـ "المصريون" إلى تبني مبادرة للصلح بين مصر والجزائر خلال مباراتهما المقررة الخميس في نصف نهائي بطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم بأنجولا، واستغلالها لإبراز الروح الرياضية وتنقية أجواء العلاقة بين الشعبين من رواسب الخلافات والتطاحن الإعلامي الذي صاحب مباراتهما الحاسمة بـ "أم درمان" في تصفيات المونديال، معتبرين أن المباراة ستكون مناسبة للتأكيد على روابط الأخوة بين البلدين الشقيقين من خلال سلوك للاعبين، مقترحين عليهم النزول إلى أرض الملعب متشابكي الأيدي، وأن يترجموا ذلك بسلوكهم الطيب خلال المباراة مهما كانت النتيجة، محذرين من الانزلاق لخطاب الشحن والتوتير الذي يتبناه إعلاميون من كلا البلدين.

فمن جانبه، حث الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري كلا البلدين- حكومة وشعبا وإعلاما- على بذل ما بوسعهم لتحقيق الصلح بين مصر والجزائر وانتهاز مباراة الغد من أجل التواد والمصالحة والتراحم، ورجا أن يتبنى الطرفان هذه المبادرة، مقترحا على لاعبي المنتخبين أن يجتمعا قبل المباراة للتصالح بحضور علماء ين من البلدين يتعاهد الجميع خلاله بطي صفحة الماضي وعدم ارتكاب تجاوزات أثناء المباراة، مضيفا: نحن بحاجة ذلك من أجل إنقاذ سمعة المسلمين بالتسامح والتقارب والتواد والتكاتف.

وحث المنتخب المصري – "منتخب الساجدين"- أن يكون هو البادئ بالسلام "فخيركم من يبدأ بالسلام والتسامح"، وأوضح أنه يجب أن تكون هذه هي مصر العريقة التي أحبها النبي ومدحها الله في القران الكريم بصفات لم يمدح بلدا في العالم بمثل ما مدحها، لذا يجب أن يكون أهلها على هذا المستوي الراقي من الأخلاق.

وشاطرته الرأي الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، نائب رئيس حزب "الجبهة الديمقراطية"، معتبرة أن المباراة فرصة جيدة لاحتواء الموقف المتأزم بين البلدين بعد الأحداث الأخيرة المؤسفة، فما يربطنا من روابط تاريخية ومن وعي شعبي بالمأساة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية يجعلنا نعتبر أن ما حدث خارج الأصول والعلاقات العربية والعلاقات التاريخية وحالة النضال بين البلدين.

وتابعت: يكفينا ما نحن فيه وما حدث كان وليد لحظة انفعالية خارجة عن الطبائع المصرية والجزائرية، متوقعة أن تسود المباراة الأجواء الطيبة، آملة أن يكلل ذلك بتسوية الخلافات الماضية من خلال مبادرة صلح، لـن هذا يعبر عن الروح الحقيقية وأن ما يربط بين الشعبين أقوى وأهم من أي حادث بسيط بينهما.

أما الدكتور عبد الحليم قنديل المنسق العام والمتحدث باسم حركة "كفاية" فأكد أن مبادرة الصلح يجب أن تبدأ بإنهاء الشحن الإعلامي والرسمي، وأن تتوقف بعض وسائل الإعلام المصرية عن "التجييش" ضد الجزائر واستبدالها مكان إسرائيل في العداء، واعتبر أن المنافسات الكروية ما هي إلا حدث تافه ومن المفترض إلا يؤثر على علاقة شعبيين.

وأبدى تفاؤله بأن المباراة المرتقبة لن تشهد مواجهة عنيفة بين المشجعين كما حدث بالقاهرة وأم درمان لأسباب تتعلق بعدم ذهاب المشجعين بكثرة من البلدين إلى أنجولا، وتابع: المطلوب أن نقول إن مباراة الكرة هي حادث عابر جدا سواء للفائز والخاسر على حد سواء، ففي النهاية هناك منتخب عربي فاز، محذرا من أن المشاعر السلبية التي ظهرت من كلا الشعبين تخدم الدول المتربصة بمصر والجزائر ولا تصب سوى في خانة خدمة الدعاية الإسرائيلية.

فيما تمنى جمال عبد الرحيم عضو مجلس نقابة الصحفيين أن يكون اللقاء بداية جديدة بين البلديين الشقيقين لتخفيف حدة الاحتقان بينهما، وأن تبدأ المصالحة والمبادرة من الجزائر، بعد أن اتهم الصحف الجزائرية بأنها كان لها الدور الأكبر في إثارة الشعبين المصري والجزائري إلى جانب بعض الصحف والوسائل الإعلامية المصرية، إلا انه أشاد بدور كثير من الصحف المستقلة والخاصة التي تعاملت مع القضية من بدايتها بشكل مهني جيد ولم تتطاول على الجزائر أو على شعبه.

ورمى الكاتب الصحفي سليم عزوز بالكرة في ملعب وسائل الإعلام لإنهاء حالة الاحتقان بين مصر والجزائر بعد أن حملها المسئولية في إثارتها منذ البداية بتحويلها من مباراة كرة قدم إلى حرب غبراء بين البلدين، وأوضح أن المسألة متوقفة على أداء وسائل الإعلام بالبلدين في المقام الأول، لأن ما قامت به جريدة "الشروق" الجزائرية من نفخ في الكير كان رد فعل طبيعي على ما قامت به وسائل الإعلام المصرية والإعلام الرياضي على وجه الخصوص من تزوير للحقائق وتأجيج للنفوس.

وكان أنس الفقي وزير الإعلام حث وسائل الإعلام على ضرورة التعامل الإعلامي مع مباراة مصر والجزائر بمنهج متوازن وتناول هادئ وبشكل موضوعي، و"ألا ندع العواطف تأخذنا بعيدا عن الموضوعية والاحترافية وأن ننطلق في تناولنا من منطلق قومي وليس من منطلق إقليمي واعتبارها مباراة رياضية وليست حدثا سياسيا".

وناشد الفقي بعد لقائه رؤساء القنوات التليفزيونية الصحف المصرية والقنوات الخاصة والإعلام الرياضي على وجه الخصوص بالتعامل مع هذا الحدث الرياضي الكبير بمنهج موضوعي متوازن بعيدا عن أي تعصب أو تحيز لجانب دون الآخر منطلقين من شعار أن المباراة عربية والفائز عربي وأن العرب استحوذوا على نصف المربع الذهبي وهذا إنجاز في ذاته، وأكد ضرورة النظر لهذه المباراة باعتبارها مباراة عربية- عربية والفائز فيها عربي وأن وصول فريق عربي للنهائي أيا كان علمه هو رصيد وإنجاز يتحقق للرياضة العربية.

ويرى الدكتور حمدي حسن المتحدث الإعلامي باسم الكتلة البرلمانية لـ "الإخوان المسلمين" أن المباراة فرصة تاريخية لإعلاء العقل والمصالحة، وناشد وسائل الإعلام التي قال إنها أفسدت مصالح مصر القومية وانتمائها القومي العربي والإسلامي أن تمتنع عن ترديد الإساءات وأن يأخذوا الأمور بشيء من العقل والجدية.

وأشار أن الكتلة البرلمانية للإخوان أصدرت بيانا تدعو فيه للمصالحة بين مصر والجزائر وأن تخرج المباراة بشكل مشرف للكرة العربية ويتم تلافي الأخطاء السابقة، ودعا كل الأطراف إلى الالتزام بالعقل وإعلاء مصالح الوطن.

أما الدكتور جمال حشمت القيادي البارز بجماعة الإخوان وعضو مجلس الشعب السابق فتوجه بنداء إلى المسئولين في مصر أن "يظلوا في أماكنهم ويكفونا شر وجودهم ومصاريف انتقالهم ولتتوقف سرقة النصر كلما لاح في الأفق من محترفي الضحك على الذقون من أجل شعبية لن ينالوا منها شيئا".

ودعا الإعلام المصري إلى أن يتوقف عن الترويج لفكرة الثأر والانتقام واسترداد الكرامة واستعادة المجد وإظهار استحقاق مصر التأهل الذي ضاع للمونديال، معتبرا أن ذلك من العبث الذي لا طائل ورائه، داعيا المدربين المصري حسن شحاتة والجزائري رابح سعدون أن يقودا اللاعبين للتصافح ودعوتهم للتركيز في الكرة دون الاهتمام بالأشياء الأخرى، لأن هذا مقياس التفاضل الوحيد في المستطيل الأخضر، على أن يتكرر الأمر في نهاية المباراة درءا للفتنة وتهدئة للخواطر.

وأكد حشمت ان اللاعبين المصريين ومدربهم على قدر كبير من الوعي والأخلاق التي تعصمهم من الانزلاق في مستنقع العصبية، ويكفى أنهم نالوا شرف التسمية "منتخب الساجدين" فليكونوا أهلا لها وتهنئة قلبية للفريق الفائز كان مصر أم الجزائر.