هيكل ... عملية غزة لم تنتهِ .. والقادم أخطر!

[أحمد الفهد]

هيكل ... لم تنتهِ عملية غزة .. والقادم أخطر!

تحدث مساء أمس الخميس، الثاني والعشرين من كانون ثاني/يناير 2009، الأستاذ محمد حسنين هيكل على قناة الجزيرة الفضائية عما جرى في غزة والمستقبل، وقال إن واقعاً جديداً يجري فرضه على المنطقة تختلف سماته عما مضى. وقد وصف هيكل العالم العربي بأنه "عجوز" وضعيف لم يعد ليس له تأثير على ما يجري. وأكد هيكل بثقة على أن وقف إطلاق النار كان بطلب من الإدارة الأمريكية القادمة وأن توني بلير –رئيس الوزراء البريطاني السابق ورئيس اللجنة الرباعية حالياً- هو مهندس اللقاءات التي تمت في شرم الشيح بالتشاور مع براون وساركوزي والإدارة الأمريكية، وأنه رتب لذلك لكي يقوم حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمظاهرة تلفت الانتباه في هذه الأزمة للخروج من المذبحة أولاً وكي توقف إسرائيل النار من طرف واحد أولاً تليها حماس بعد ساعات. وقلل هيكل من أهمية القمم التي عُقدت لأن العرب في الحقيقية ليسوا على علم بما دبر وخطط وبما يجري ترتيبه.

وقد تحدث هيكل عن ثلاث نقاط رئيسية في تناوله لما جرى ويجري، وهي كالآتي:
(1) هناك واقع جديد يجري فرضه:
قال هيكل إن ترتيباً جديداً يجري للمنطقة، وقال إن حجم التدمير وشدة الضربة كانت مقصودة تماماً في رسالة قوية ليس لحماس بل لأطراف أخرى، هي سوريا بالتحديد، وليس إيران -حسب هيكل. وكل ذلك تمهيداً لما سيأتي بفرض واقع في المنطقة يستقبل متغيرات جديدة ولاعبين جدد كما بين هيكل في معرض كلامه.

وقال إن إسرائيل شنت حربها بإذن من الإدارة الأمريكية المنصرفة ونفذت ضربة بقسوة مفرطة مستفيدة من الفراغ الحاصل بين الإدارتين الأمريكيتين. وأن وقف النار جاء بطلب من أوباما الذي قال لإسرائيل إنه يريد أن يتم حفل تنصيبه أمام العالم دون دماء على شاشات التلفزيون وإنه من الضروري إيقاف هذه العملية قبل العشرين من الشهر الجاري على الأقل بثلاثة أيام.
واستشهد هيكل بفقرة من خطاب أوباما تخاطب العالم الإسلامي للدلالة على الرياح القادمة التي قد تحمل التغيير، حيث قال اوباما: سنتطلع إلى الأمام وسنتصرف وفقاً لمصالحنا واحترامنا للآخرين .... وإلى هؤلاء القادة الذين يمسكون بزمام الأمور، يجب عليهم أن يعرفوا أن مجتمعاتهم ستحكم عليهم ليس من خلال يقولونه في الخطب بل من خلال أفعالهم ... على الذين يمسكون بالقوة ليحكموا شعوبهم أن يعلموا أنهم يقفون على الجاني الآخر من التاريخ.... وعن ما يفتح هؤلاء قبضتهم الممسكة بالقوة سيجدون يداً ممدودة إليهم لتصافحهم.


(2) المرحلة القادمة: ما الذي يفعله بلير؟
يقول هيكل إن الدور القادم في المنطقة هو لأوروبا، فالإدارة الأمريكية –على حد تعبيره غير متفرغة- وأمامها قضايا كبيرة وشائكة، وأن حلف الناتو قادم وواجهته المدنية هي أوروبا التي وصفها هيكل بأنها "هاوية" سياسة خارجية الآن بعد الدور الأحادي لأمريكا في الفترة السابقة، في إشارة ذكية من هيكل إلى حماس ساركوزي وميركل ومعهما براون إلى لعب دور أكبر، أو حتى دور فاعل، في المنطقة.
وقال هيكل إن ذهاب القادة الأوروبيين (ساركوزي وميركل وبراون وثاباتيرو) إلى إسرائيل بعد اجتماع شرم الشيخ هو بمثابة صك غفران تعطيه أوروبا لإسرائيل عن الجرائم التي ارتكبتها في غزة. مما يعني أن إسرائيل تفهم الرسالة وتدري بما يدور سلفاً على عكس العرب.

(3) العملية في غزة لم تنتهِ بعد.
يقول هيكل إن عملية إزاحة حماس ما زالت سارية، وإن المساعدات التي ستقدمها أوروبا وعمليات إعادة الإعمار سوف تُستغل لهذا الغرض في عملية سياسية في منتهى الأهمية. وقال مؤكداً بشدة إن علمية إعادة الإعمار ستتم تحت رعاية ورقابة حلف شمال الأطلسي وليس السلطة الفلسطينية كما هو مُتخيل.
وتحت هذه النقطة قال هيكل إن إسرائيل تعتقد أنها وجهت ضربة قاسية لحماس وأنها دمرت جزءاً مهماً من بنيتها الأساسية، وإنها _أي إسرائيل- تتوقع الآن حدوث فعل مرتد (Backlash) –حسب تعبيره- ويقصد هيكل بين صفوف الشعب الفلسطيني وبالتالي حدوث عملية مساءلة عما حدث. هذه المساءلة مقرونة بأموال الإعمار ستعمل على إزاحة حماس (بتقدير إسرائيل دائماً) من الساحة.

وقد نوه هيكل إلى سمات خطيرة ترسم صورة المرحلة القادمة ومنها:
1- في المرحلة القادمة ليس هناك مفاوضات ولا ما يحزنون ـ الجانب الفلسطيني معطل الفعل؛
2- هناك عملية "تسوية" للواقع، بحسب هيكل، أي تمهيد سيتم خلالها تهيئة العالم العربي من خلال تركه للتفاعلات المختلفة التي ستعمل على تهيئته للديمقراطية؛
3- اتفاقية رايس-ليفني.

وقد شدد هيكل على أهمية أن يستغل العرب زيارة بانكي مون الأمن العام للأمم المتحدة لغزة بطلب شهادته أمام مجلس الأمن/ الجمعية العامة لتجريم إسرائيل.

وقبل أن يختتم هيكل حديثة أشرا إلى أول كتاب يصدر في عام 2009 واسمه "عالم المتاعب" (A World of Troubles) يتحدث عن طريقة معالجة كل رؤساء أمريكا لأزمة الشرق الأوسط " من بداية الحرب الباردة وحتى الحرب على الإرهاب".

وفي إلماحه واضحة من هيكل إلى شيء (لم أفهمه حقيقة وأتوقع أن يفصح عنه هيكل في قادم الأيام) قال هيكل إن الفصل الأول من الكتاب يتحدث عن السيدة ’ماتيلدا كِريْم‘ التي أثرت على الرئيس الأمريكي جونسون في حرب 1967.


فما هي يا ترى قراءتكم فيما يقوله هيكل، وخاصة هناك الكثير مما يريد هيكل من مشاهديه أن يلحظوه بين السطور والمعلومات؟


مع تحياتي وتقديري، ودعائي الخالص لهذه الأمة

أحمد الفهد