أنا من يافا ، أقول هذه فهي في قلبي وعقلي ، لا تفارق أيا منهما ، وأقول تلك لأنها حالياً بين يدي عدوي ، عدوي الذي يدعي أنها أحد أحياء تل أبيب . لا ، والف لا . إن عدوي يكذب ، يكذب ، يكذب ، نعم أنا ( وكغيري من الصادقين ) أصدق منه ، لقد إغتصب عدوي حقي ، بل كل حقوقي وألغى وجودي ، رغم أني أعيش ، ما زلت أعيش ، ودليلي أنني الآن أكتب لكم ، ألم أكتب ما أنتم الآن تقرأون ؟

يافا مدينة عريقة في فلسطين ، مرتفعة في معظمها عن البحر ، مكونة من عدة هضاب ، توغل في القدم ، نشأت منذ عدة قرون ، ولها تاريخ طويل وليست ( كما يحاول الأعداء أن يصوروها في أذهان من لا يعرفونها ) بأنها حي من أحياء تل أبيب ، وشتان بينها وبين تل أبيب ، فتل أبيب مدينة حديثة أنشأها اليهود أوائل القرن الماضي ( القرن العشرين ) ، بحوالي 10000 ( عشرة آلاف ) من اليهود فقط كانوا ( حوالي عام 1910 ) يسكنون حياً على شاطىء البحر ، خارج يافا إسمه ( سيدنا علي ) ، أنشأوا عليه مدينة تل أبيب لتكون مجاورة ليافا ، ضمن خططهم ومخططاتهم التوسعية الزاحفة لكل مدينة أو قرية عربية فلسطينية لتبتلعها ، وهي خططهم التي ما زالوا ( ولن يتوقفوا مطلقاً عن سياسة ما يسمى بالإستيطان والمستوطنات وهي سياسة الزحف على أراضي العرب وأبتلاعها ، في فلسطين وغير فلسطين الى أن يحققوا دولة إسرائيل الكبرى ( كما يتخيلونها من النيل إلى الفرات ) ، فماذا نحن فاعلون ؟ وسيبقون على هذا الحال ولن يتغيروا مهما زوول عليهم من ضغوط ( وكلها غير مجدية وغير فاعلة أمام إصرارهم وخداعهم المتواصل للجميع ، ولن يتوقفوا عن هذه الوسيلة وهي الوسيلة الأساسية والرئيسية التي استطاعوا بواسطتها أن يستحوذوا على كامل فلسطين ، وأضافوا إليها أجزاء من سوريا ومن لبنان وحَّيدوا منطقة سيناء التي انتزعوا سيادة مصر منها ولمصلحة إسرائيل دائماً ، بموجب اتفاقية أو اتفاقيات دولية ، ألا يسعون إلى المزيد ؟ أليست المفاوضات هدفاً لهم مع أنها وسيلة لنا ؟ فإلى متى نقع في الخديعة ؟ إنهم يخدعوننا ، ويخدعوننا ، ونصدق ، فإلى متى ؟ يقولون : السلام ، السلام ، فمتى عرفوا السلام في تاريخهم ؟ إن كنت مخطئا ، فأرجوكم أن توجهوني .

أعود للحديث عن مدينة يافا ، يافا وتل أبيب مدينتان متجاورتان ، وبعض بيوتهما أصبحت متداخلة في بعض المناطق المتقاربة بينهما نتيجة الزحف الإستيطاني الذي بدأوه ( كما أسلفت ) مبكرين ، وأصبحت يافا ( سنة 1948 ) وبمساعدة حكومة الإنتداب البريطانية قبلذاك ( محاطة من كل جهاتها ) بطوق يهودي محكم ، بتكون من البحر شمالاً إلى البحر جنوبا ، من تل أبيب إلى بيت فيغان ، ويافا من البحر مكشوفة لهم بالطبع ، مما سهل عليهم ، فقتلوا من طالتهم أيديهم ، وهرب وتشرد معظم الباقين ، بحيث لم يبق في يافا إلا العشرات من أهلها .

مدينتننا يافا وتل أبيب تقعان على ساحل البحر الأبي