بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الأمين

لوحة رقم (07): تساؤلات مشروعة

لا شك أن أخي الكريم المهندس وليد المسافر قد طرح جملة من التساؤلات المشروعة!
لماذا عزوف أكثر من 95% من أعضاء واتا عن التصويت؟!
أهو خوف ووجل .. أم الشعور بالعجر عن التغيير؟!
الذين عرجوا للتصويت للحاكم هل هي مجرد تقية لتجنب شروره؟!

يقول الكاتب الكبير الأستاذ فهمي هويدي إن هذا الذي نعتبره من الأعاجيب التي لا نتخيل إمكان حدوثها في العالم العربي، كان قبل قرون جزءا أصيلا من ثقافتنا، التي اعتبرت أن محاسبة الحكام وتقويم اعوجاجهم واجب شرعي من استحقاقات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. حتى أن الإمام أبو حامد الغزالي اعتبر في كتابه «إحياء علوم الدين» أن المحاسبة أو المناصحة هي المقصودة بذلك التكليف بالأمر والنهي، وأنها حق للأمة وواجب عليها أيضا، وبنص القرآن، فإنها تأثم إن قصّرت فيه وتُحاسب على ذلك يوم القيامة.

هذه الخلفية سلّحت أجيالا من المسلمين الأُول بشجاعة نحسدهم عليها، فقال أحدهم لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ذات مرة «لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحدّ سيوفنا»، وقال له آخر على مسمع من الناس «اتق الله يا عمر» (قالها مواطن عربي حسن النية لحاكم بلده فذهب وراء الشمس ولم يعد منذ عشرين عاما)..

ودخل ثالث على معاوية بن أبي سفيان فحيّاه قائلا: السلام عليك أيها الأجير. وحين منع العطاء عن بعض المسلمين، نهض أحدهم في مواجهته قائلا: كيف تمنع العطاء وهو ليس من كدِّك ولا من كدِّ أبيك أو أمك.

وقال رابع ـ العالم الجليل سفيان الثوري ـ للخليفة أبو جعفر المنصور: اتق الله، فقد ملأت الأرض ظلما وجورا،
وحين سأل الحجاج بن يوسف خامسا هو العالم حطيط الزيات عن رأيه فيه قال: إنك من أعداء الله في الأرض، تنتهك المحارم، وتقتل بالظنة. وحين سأله عن الخليفة عبدالملك بن مروان قال: إنه أعظم جرما منك، وإنما أنت خطيئة من خطاياه
(إذا أردت المزيد فارجع إلى كتاب «الإسلام بين العلماء والحكام» للعالم العراقي الجليل عبدالعزيز البدري رحمه الله، الذي أعدمه الرئيس صدام حسين رحمه الله).

إن ما يُعدّ عندهم شهادة على قوة المجتمع وجرأة ممثليه، هو عندنا تاريخ نردد حكاياته، كأنها من أساطير الأجداد، وحين نرى واقعنا، فإننا نكاد نلطم خدودنا ونحن نتحسّر عليه.

وبالله التوفيق،،،