السنة والشيعة
في وئام بعد خصام
أو
الزيتونة والنخلة
- شجرة الزيتون: يبدوأنك تتعالين علي.. وتفاخرين بقامتك الطويلة وكأنك الشجرة الوحيدة التي قاومت المعتدين عبرالزمن؟!
- النخلة: طبعا.. ألم تعلمي أني أول شجرة نبتت على وجه الأرض؟! وأني أنا من لا تخضع إلا لموكبي الحق والعدل ليمرا دون أن ينكسر لها جذع أوتهوي لها هامة؟! اللهم إلا في بعض الأوقات المرة التي أجد نفسي فيها مرغمة لأجلس القرفصاء عند أقدام المحتلين.. ولكن ذلك - كما تعلمين - لن يدوم طويلا.. فأنا التي لا تؤثرفيها عواصف السياسة ولا زوابع الفتنة، ولن تطأطيء رأٍسها احتراما وإجلالا إلا للشهداء حينما يريدون العبورإلى الفجر السرمدي.. وأني أنا التي قصدها الله جل وعلا حين قال لمريم عليها السلام :
(" وهزي إليك بجذع النخلة تسَاقطْ عليك رُطبا جنيا.. ( الآية:23 من سورة مريم )
شجرة الزيتون: الله يبارك ويزيد، ولكني أنا أيضا مثلك قد ذكرني الله في كتابه العزيز:
(" التين والزيتون وطور سنين.." (الآيتان:1و2 من سورة التين)
أما أنت فقد ضرب الله بك المثل في الموت والعجز:
" كأنهم أعجاز نخل خاوية.. "
-النخلة: أنت لم تفهمي المعنى الحقيقي لهذه الآية.. ثم ألم تعلمي أني أنا التي لا يستطيع الصائمون المسلمون الاستغناء عن تمراتها اللذيذة أثناء تناول فطورهم الرمضاني من كل عام ...
ومن جهة أخرى لولاي ما كانت هناك صحف ولا جرائد.. فالجريدة التي يقرأها الناس يوميا قد أخذت اسمها من اسمي أي أن أغصاني هي التي احتضنت مختلف كتابات القدامى على اختلاف لغاتهم.. قبل أن يتم اكتشاف صناعة الورق.. هذا الذي ما يزال حتى اليوم يتم تصنيعه من مخلفاتي..الجريدة قد اشتق اسمها من الجريد.. والجريد هو أغصان النخيل.
- شجرة الزيتون: ولكن الزيتونة هي التي تزود الناس بالزيت الشهي ولولاه ما أكلوا غذاء دسما سهل الهضم.. وما ابتلعوه بسهولة ويسر، وما عرفوا له لذة ولا طعما.
- النخلة: تقولين ما أكلوا غذاء دسما!! إذن أنت تقرين بأني أنا من كانت مصدر غذائهم الأساسي في كل العصور، وقد عملت على بقاء الناس على قيد الحياة طيلة مراحل ترحالهم وتجوالهم وتنقلاتهم في البوادي والأرياف.. وتيهانهم في الأرض القفار..وضياعهم في الفيافي والصحارى... فلولاي لنالت منهم النحافة.. ولقتلهم الجوع والمرض أليس كذلك ؟
-شجرة الزيتون: بلى ولكن تمرك- أيتها المسكينة – كثير الحلاوة.. ولا يستطيع الإنسان أن يأكل منه كثيرا..ولا يصلح لا للتحويل ولا لاستخراج أغذية أخرى منه.
النخلة: أنت تجهلين- يا ظالمة – فوائدي الكثيرة ومنافعي الجمة، فتمري يصلح للأكل بلحا وناضجا، ويصلح لصناعة ألوان وأصناف مختلفة أخرى من الأطعمة.. التقليدية منها والعصرية، كوجبات " الثريد " و " الأبراج " و " الرفيس " بأصنافه.. كـ " البوصلوع " و " الكعبوش " و" الرفيس التونسي" ويصلح أيضا عصيرا كمشروبات.. ويصلح لصناعة غذاء " المربى " هذا الذي يسمى في الجنوب الجزائري " الرُب " ولتعلمي أنه أحلى وأجود من كل أصناف المربى الحديثة.. واسألي - إن شئت - مجربا عن ذلك.. نعم.. من تمري يصنع " المربى " فبعد أن يمزجوه بسمن الأغنام أو بزبدة الأبقار، يطبخونه أو يغلونه، ليصير خاليا من أية جراثيم أو ميكروبات، وهو غذاء طبيعي وشهي جدا.. ولا تنسي - أيضا - أنهم يبنون أيضا من جذوعي ومن أغصاني بيوتا لهم.
- شجرة الزيتون: تتفاخرين بصناعة أشكال وأصناف الأطعمة وقد تغاضيت الطرف أني قد تجاوزتك في كل ذلك.. وصرت بعد تجارب عديدة أعالج كثيرا من الأمراض الهضمية والأدواء الجلدية..وأستطيع تعويض كل الدهون الاصطناعية التي أضحت اليوم تتسبب للناس في أمراض عديدة منها تصلب الشرايين.. بينما زيتي إن لم ينفعهم ، لن يضرهم.
- النخلة: كل ذلك صحيح.. ولكن في الحقيقة..بعد أن سمعت منك، وعرفت مزاياك، أدركت أن أعداءك ليسوا فقط اليهود الصهاينة، إنما هناك من يريد القضاء عليك حتى يخلوله الجو لترويج زيته الاصطناعي..أنا جد متعاطفة معك.. ولا أرضى لك ضررا من أي كان، فكل واحدة منا لها منافع وفوائد كبيرة.. ولكن الناس غيرالواعين هم الذين يتنكرون لجميلنا ويعمدون إلى تحطيم أغصاننا ظلما وعدوانا، وإشعال النيران في أخواتنا المنتشرات في الجزائربكثرة، متعمدين اجتثاث البعض منا من جذوره وإقامة منازل لهم على أنقاضنا.
- شجرة الزيتون: كنت متأكدة أنك سوف تتضامنين معي وتنددين بكل محاولات الحط من قيمتنا والتنكرلتضحياتنا عبر الزمن.. فشكرا لك ولكل من يعمل على حمايتنا ويقف مدافعا عن وجودنا.
- النخلة وشجرة الزيتون بصوت واحد:
كل قوانين العالم البيئية تندد وتعاقب من يعتدي علينا دونما وجه حق.. وتدعوه لحمايتنا
ولكن أكثرا لناس لا يعلمون...
المفضلات